الألعاب الشعبية: شحذ لذهنية اللاعبين و تسلية للمتفرجين

يمتلك الشعب الموريتاني، كغيره من شعوب العالم، ألعابا شعبية تراثية، يعكف الناس على ممارستها في أوقات فراغهم لغرض ترويض الذهن من جهة، و طلبا للتسلية و الترفيه، من جهة أخرى.
و تتسم الألعاب الشعبية الموريتانية ببساطة الأدوات المستخدمة فيها، و التي يمكن الحصول عليها بسهولة، لتوفرها في البيئة و المحيط المحلي بكثرة.
فبقليل من الأصداف المحارية أو قطع الحجارة صغيرة الحجم و الأعواد، تكتمل العدة اللازمة للبدأ في شوط مبارات شعبية تجمع بين البساطة و الأصالة.
و تنقسم هذه الألعاب التقليدية إلى ألعاب خاصة بالرجال، و أخرى خاصة بالنساء، إضافة إلى ألعاب مختلطة تجمع كلا الجنسين، بما في ذالك الأطفال.
و يذيع صيت لعبة “اصرند” كلعبة يتفنن لاعبوها من الرجال في ضروب الإنشغال بها؛ و في مقابلها تستهوي لعبة “اسيگ” جمهورا عريضا من سيدات و فتيات المجتمع الموريتاني.
و على ما يبدو، كان ظهور هذه الألعاب المحلية مصاحبا لبداية تشكل و تبلور ثقافة المجتمع الأدبية و التراثية الخاصة، و ما تلى البداية من عمليات تلوين ٍ و صبغٍ لإبداعات الناس برمزية البيئة الموريتانية الأصيلة، إسما و رسما.
و مع التطور التقاني المتلاحق و مخترعاته الوافدة، طُورت عُدة بعض تلك الألعاب المحلية و أصبحت أكثر عصرِية و حداثة، في الشكل الخارجي لمجسماتها، و بقي مضمونها، من عدد الأشواط، و المسميات، و ما يتعلق به من القوانين الناظمة، محليا بالكامل.
و تكشف لنا هذه الألعاب العريقة و البسيطة في ظاهرها عن ذكاء و عبقرية الذهنية الموريتانية، و عن تطلع الإنسان الموريتاني اللامحدود للحياة و حبه لها، وعن تحديه وقهره للظروف، من خلال صنع أشياء جميلة جالبة للسرور من اللاشيئ، وعن سعيه الحثيث للترويح عن النفس بطرق غير مُكلِفة ولا مُتَكلَفة.