الكيطنة… موسم الهجرة إلى الولايات الواحاتية
لا يبدأ شهر يونيو من كل عام في الانتصاف حتى يبدأ الموريتانيون رحلة الصيف ميممين وجوههم شطر الولايات الواحاتية وخصوصا ولايتي آدار وتكانت اللتان تشتهر أكثر من غيرهما بموسم الهجرة إلى الكيطنة والذي يشهد زحف ٱلاف الموريتانيين نحو الولايات الواحاتية.
موسم الهجرة إلى الكيطنة :
يبدأ موسم ” الكيطنة” شهر يونيو حيث يشتهر هذا الشهر بمقولة : (يونية: حبة طايبة وحبة نية ) أي ثمرة ناضجة وثمرة نيئة.
الروتين اليومي للكيطانة:
يبدأ يوم الكيطانة خصوصا في المناطق النائية في آدرار بعيد صلاة الصبح وإرسال الأطفال إلى الواحات لجلب الرطب والتمر “اتكلاع”ا ولذي يتناوله بعض الكيطانة ثم يتبعونه بكأس من النشاء الساخن وهو عبارة عن دقيق الزرع أو الشعير أو القمح مخبوط في الماء الساخن ومضاف إليه كمية من السكر حسب الرغبة.
ثم يذهب الكيطانة بعد ذلك إلى الواحات ويشبعون من الرطب ويستمتعون بالأجواء الطبيعية الخلابة التي بخلقها تشابك جرائد النخيل حيث يصبح الجو معتدلا واستثناء من الحر الذي يعم الأرجاء.
بعد عودتهم وقد جلبوا معهم “اتكلاع” تقوم النسوة بإعدلد الطاجين إن وجد والغداء فيما يقوم الرجال بمهام أخرى.
ويتميز اليوم الٱدراري بالحر الشديد والذي يصعب معه الخروج إلا للحاجة الضرورية والماسة جدا.
ويستخدم السكان المحليون جذوع وأعرشة النخيل في بناء وتسقيف المنازل التقليدية، نظرا لمقاومتها وامتصاصها لحرارة الشمس خلال النهار، كما يصنع منها الحصير، والحبال. كما يستخدم نواة البلح في علف الحيوان.
وعند تناول الكيطانة لوجبة أطاجين إن توفرت يقوم البعض بشرب مرق اللحم المطبوخ بشكل طبيعي وبدون أية إضافات أو بهارات وطبعا يكون ذلك بعد تناول ” اتكلاع “.
ويفضل البعض تأخير وجبة الغداء بسبب الحر إلى ما بعد صلاة الظهر.
بعد أن يبدأ الجو في الاعتدال بعيد صلاة العصر تنطلق الكيطانة للتجول والسلام على المعارف والتنزه في الواحات والبعض يمارس رياضة المشي في الواحات والجبال فيما يفضل البعض الٱخر إعداد مجلس الشاي وانتظار الأقارب والمعارف وذلك من أجل استغلال ساعات المساء التي تشهد انخفاضا في درجات الحرارة والاستماع بهذا الجو وسط تبادل الأحاديث والأخبار المتنوعة.
ما إن يدخل وقت المغرب حتى يعود أغلب من خرج إلى مكان سكنه للاستعداد للصلاة والقيام بالأوراد المسائية والتحصن.
السهرات المديحية والليالي الآدرارية المميزة:
ما إن يتناول الكيطانة العشاء وقبله اتكلاع حتى يخلد الغالبية من كبار السن إلى النوم فيما يسهر الشباب بعض الوقت وخصوصا على أنغام المدائح النبوية التقليدية والتي تنطلق بها الأصوات الشجية في تناغم شديد وبدون اي ٱلة موسيقية وهو ما يكسر هيبة الليل وهدوء قرى أوجفت التي تتحضر ليوم جديد مشابه لما قبله إن لم يكن هو نفسه خصوصا وسائل الترفيه والتغيير شبه معدومة وإن كانت شركات الاتصال التي بدأت تزرع أعمدة الإنترنت في كل مكان بدأت في تغيير تلك الرتابة وذلك الهدوء والروتين وبدأت الكيطنه معه تفقد خصوصيتها التي كانت تسمتدها من العزلة عن العالم والهدوء والروتين الصحي الذي يعيد الإنسان إلى طبيعته وسيرته الأولى.
سياحة وعلاج:
يتنوع الكيطانة بين أغلبية تمتلك واحات نخيل وبين أسر تكتري ثمرة نخلة أو تخلات من أجل الكيطنة وطلب الراحة والتداوي حيث يشتهر عند الموريتانيين أن تناول التمر والبلح بصفة أخص تحت أعرشة النخل يعيد إلى الناس صحتهم ويذهب بأس الأطعمة التي تناولوها طيلة العام في المدن، خصوصا بعد تحول العادات الغذائية للموريتانيين وبالأخص خلال العقد الأخير حيث صارت نسبة كبيرة من سكان انواكشوط ونواذيب تعتمد إما بصورة شبه كلية أو بين الفينة والأخرى على أطعمة المطاعم، والوجبات السريعة، وهو ما خلق مشاكل صحية للموريتانيين مثل السمنة وارتفاع السكري وغير ذلك.
نهاية موسم الكيطنة:
يبدأ موسم “الكيطنة” في تكانت شهر يونيو ويستمر حتى نهاية يوليو، بينما تبدأ “الكيطنة” في آدار منتصف شهر يونيو، وتستمر حتى منتصف أغسطس من كل عام، بينما تعد شنقيط والمناطق القريبة منها هي ٱخر مناطق الكيطانة في ولاية ٱدرار.
وخلال الأيام الأخيرة من موسم ” الكيطنة” يقوم ملاك النخيل بقطع الأعرشة وجمع التمر وتجفيفه استعداد لرحلة العودة إلى المدن، وإهداء بعضه أو جله للأهل والأقارب والمعارف، بينما يقوم التجار بعرضه في الأسواق لبيعه خلال الأشهر اللاحقة لموسم الكيطنة.
يذكر أن موريتانيا تعد من أقل الدول العربية والإسلامية من حيث أعداد النخيل وإنتاج التمور، حيث تعتمد بشكل شبه كلي طيلة أغلب العام على التمور المستوردة من بين عدة دول على رأسها الجزائر وتونس.