هل يشجع المواقف السعودية الجديدة موريتانيا على التغلب على الضغوط العربية والغربية من أجل التطبيع

شكلت المواقف السعودية الجديدة من الحرب على غزة مفاجئة للمتابعين السياسيين، حيث ظهر التناقض الحقيقي بين موقف المملكة العربية السعودية، وإدارة ” بايدن ” في أمريكا التي تقف بعدتها وعتادها خلف الدولة الصهيونية من أجل خطتها المعلنة للقضاء على حماس في أعقاب الهجمات الأخيرة.
وظهرت الخلافات للعلن بعد أن نشرت صحيفة ” واشنطن بوست” إن حاكم المملكة العربية السعودية، الأمير محمد بن سلمان، أبقى وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، ينتظر ساعات لعقد اجتماع، ثم لم يحضر حتى اليوم التالي، في ازدراء مذهل لكبير الدبلوماسيين الأمريكيين.
كما أن الوزير الأمريكي عجز عن حمل ولي العهد السعودي على إدانة حماس، وتحميلها وحدها المسؤولية عن عملية المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة، حيث اكتفى محمد بن سلمان بدعوة إسرائيل إلى وقف العمليات العسكرية “التي أودت بحياة الأبرياء”، وبحسب ما ورد دعا أيضًا إلى وقف تصعيد النزاع.
وسبق ذلك إعلان الرياض تعليق محادثات التطبيع والتي تتم برعاية أمريكية، بعد إعلان الكيان الصهيوني عن قطع الخدمات الحياتية عن قطاع غزة من ماء وكهرباء، ومنع دخول الغذاء الوقود والمساعدات الإنسانية، وسط تكثيف لعمليات القصف والتدمير التي خلف مئات القتلى والجرحى.
وخلال السنوات الأخيرة وخصوصا خلال حكم الرئيس غزواني صارت المواقف الموريتانية الخارجية تابعة للمواقف السعودية والإماراتية .
ويشكل الموقف السعودي فرصة حقيقية للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، والذي كان يتعرض حسب عدة صحف عالمية لضغوط هائلة من طرف عدة دول عربية وغربية وبالخصوص الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الانضمام إلى ما يسمى ” اتفاقيات السلام ” بين الدول العربية والكيان الصهيوني المحتل التي انضمت إليها الإمارات والسودان والمغرب والبحرين.
خصوصا أن السعودية كانت تضغط منذ 2020 على الرئيس الغزواني من أجل إقامة علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال، والانضمام إلى الدول العربية المطبعة، وهو ما كشف عنه في حينه موقع “أفريكا إنتليجنس” الفرنسي، الذي تحدث عن محاولة ابن سلمان لإقناع ولد الغزواني بضرورة تفعيل العلاقات بين نواكشوط وتل أبيب خلال الزيارة التي قام بها الرئيس الموريتاني خلال شهر فبراير 2020 إلى الرياض، وهو ما ما جعل غزوني يتفاجأ بعرض ابن سلمان، حسب الموقع، قائلا: “الأمر يحتاج سياسة عربية موحدة تجاه إسرائيل”.
ولم تتوقف الضغوط السياسية والدبلوماسية العربية والغربية على غزواني، حتى صار رجل الشارع الموريتاني يتحدث عن انتظار غزواني لما بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة 2024 من أجل حسم موقفه من إقامة علاقات بين موريتانيا والكيان المحتل.
ويجمع الخبراء والمحللون أن عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، وعملية الحرب على غزة، والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون لليوم العاشر على التوالي شكلت إنهاء حقيقيا لملف التطبيع الذي تدعمه بعض الدول الغربية والعربية، وهو ما يريح الرئيس الموريتاني من تلك الضغوط، وعدم فتح هذا الملف مجددا خلال ما تبقى من مؤموريته الحالية، وحتى خلال المؤمورية الثانية إن ترشح لها ونجح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وذلك في ظل استحالة استمالة الشارع الموريتاني أو تحييده في ظل المجازر المرتكبة من طرف دولة الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني في غزة، وأيضا في ظل فشل مشروع اتفاقيات السلام التي تدعمها أمريكا بعد دعم الأخيرة وانحيازها الكامل لدولة الاحتلال ومباركتها لعمليات القتل ومحاولة التهجير المستمرة لليوم العاشر على التوالي.